فصل: خيار العيب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.خيار الشرط:

خيار الشرط هو أن يشتري أحد المتبايعين شيئا على أن له الخيار مدة معلومة وإن طالت إن شاء أنفذ البيع في هذه المدة وإن شاء ألغاه، ويجوز هذا الشرط للمتعاقدين معا ولاحدهما إذا اشترطه.

.والأصل في مشروعيته:

1- ما جاء عن ابن عمر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار».
أي لا يلزم البيع بينهما حتى يتفرقا، إلا إذا اشترط أحدهما أو كلاهما شرط الخيار مدة معلومة.
2- وعنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخبر أحدهما الاخر فيتبايعا على ذلك فقد وجب البيع». رواه الثلاثة.
ومتى انقضت المدة المعلومة ولم يفسخ العقد لزم البيع.
ويسقط الخيار بالقول كما يسقط بتصرف المشتري في السلعة التي اشتراها بوقف أو هبة أو سوم لأن ذلك دليل رضاه.
ومتى كان الخيار له فقد نفذ تصرفه.

.خيار العيب:

حرمه كتمان العيب عند البيع: يحرم على الإنسان أن يبيع سلعة بها عيب دون بيانه للمشتري.
1- فعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه» رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم والطبراني.
2- وقال العداء بن خالد: كتب لي النبي، صلى الله عليه وسلم،: «هذا ما اشتراه العداء بن خالد بن هوذه من محمد رسول الله اشترى منه عبدا أو أمة، لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلم من المسلم».
3- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».

.حكم البيع مع وجود العيب:

ومتى تم العقد وقد كان المشتري عالما بالعيب فإن العقد يكون لازما ولا خيار له لأنه رضي به.
أما إذا لم يكن المشتري عالما به ثم علمه بعد العقد فإن العقد يقع صحيحا، ولكن لا يكون لازما، وله الخيار بين أن يرد المبيع ويأخذ الثمن الذي دفعه إلى البائع وبين أن يمسكه ويأخذ من البائع من الثمن بقدر ما يقابل النقص الحاصل بسبب العيب، إلا إذا رضي به أو وجد منه ما يدل على رضاه، كأن يعرض ما اشتراه للبيع أو يستغله أو يتصرف فيه.
قال ابن المنذر: إن الحسن وشريحا وعبد الله بن الحسن وابن أبي ليلى والثوري وأصحاب الرأي يقولون: إذا اشترى سعلة فعرضها للبيع بعد علمه بالعيب بطل خياره وهذا قول الشافعي.

.الإختلاف بين المتبايعين:

إذا اختلف المتبايعان فيمن حدث عنده العيب مع الاحتمال ولا بينة لاحدهما فالقول قول البائع مع يمينه، وقد قضى به عثمان.
وقيل: القول قول المشتري مع يمينه ويرده على البائع.

.شراء البيض الفاسد:

من اشترى بيض الدجاج فكسره فوجده فاسدا رجع بكل الثمن على البائع إذا شاء، لأن العقد في هذه الحال يكون فاسدا لعدم مالية المبيع، وليس عليه أن يرده إلى البائع لعدم الفائدة فيه.

.الخراج بالضمان:

وإذا انفسخ العقد وقد كان للمبيع فائدة حدثت في المدة التي بقي فيها عند المشتري فإن هذه الفائدة يستحقها.
فعن عائشة، رضي الله عنها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
«الخراج بالضمان» رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي.
أي أن المنفعة التي تأتي من المبيع تكون من حق المشتري بسبب ضمانه له لو تلف عنده.
فلو اشترى بهيمة واستغلها أياما ثم ظهر بها عيب سابق على البيع بقول أهل الخبرة فله حق الفسخ، وله الحق في هذا الاستغلال دون أن يرجع عليه البائع بشئ.
وجاء في بعض الروايات: أن رجلا ابتاع غلاما فاستغله ثم وجد به عيبا فرده بالعيب فقال البائع: غلة عبدي.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الغلة بالضمان» رواه أبو داود وقال فيه: هذا إسناد ليس بذاك.

.خيار التدليس في البيع:

إذا دلس البائع على المشتري ما يزيد به الثمن حرم عليه ذلك.
وللمشتري خيار الرد ثلاثة أيام، وقيل إن الخيار يثبت له على الفور.
أما الحرمة فللغش والتغرير، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منا».
وأما ثبوت خيار الرد فلقوله صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه عنه أبو هريرة:
«لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاعا من تمر» رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصل في النهي عن الغش وأصل في أنه أي التدليس لا يفسد أصل البيع، وأصل في أن مدة الخيار ثلاثة أيام، وأصل في تحريم التصرية وثبوت الخيار بها.
فإذا كان التدليس من البائع بدون قصد انتفت الحرمة مع ثبوت الخيار للمشتري دفعا للضرر عنه.

.خيار الغبن في البيع والشراء:

الغبن قد يكون بالنسبة للبائع، كأن يبيع ما يساوي خمسة بثلاثة.
وقد يكون بالنسبة للمشتري، كأن يشتري ما قيمته ثلاثة بخمسة.
فإذا باع الإنسان أو اشترى وغبن كان له الخيار في الرجوع في البيع وفسخ العقد، بشرط أن يكون جاهلا ثمن السلعة ولا يحسن المماكسة، لأنه يكون حينئذ مشتملا على الخداع الذي يجب أن يتنزه عنه المسلم.
فإذا حدث هذا كان له الخيار بين إمضاء العقد أو إلغائه.
ولكن هل يثبت الخيار بمجرد الغبن؟ قيده بعض العلماء بالغبن الفاحش، وقيده بعضهم بأن يبلغ ثلث القيمة، وقيده البعض بمجرد الغبن.
وإنما ذهبوا إلى هذا التقييد لأن البيع لا يكاد يسلم من مطلق الغبن، ولان القليل يمكن أن يتسامح به في العادة.
وأولى هذه الاراء أن الغبن يقيد بالعرف والعادة.
فما اعتبره العرف والعادة غبنا ثبت فيه الخيار، وما لم يعتبراه لا يثبت فيه.
وهذا مذهب أحمد ومالك، وقد استدلا عليه بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: ذكر رجل - اسمه حبان بن منقذ - للنبي صلى الله الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال: «إذا بايعت فقل: لا خلابة».
زاد ابن اسحاق في رواية يونس بن بكير وعبد الاعلى عنه: «ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فاردد».
فبقي ذلك الرجل حتى أدرك عثمان وهو ابن مائة وثلاثين سنة، فكثر الناس في زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئا، فقيل له: إنك غبنت فيه، رجع، فيشهد له رجل من الصحابة بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد جعله بالخيار ثلاثا، فترد له دراهمه.
وذهب الجمهور من العلماء إلى أنه لا يثبت الخيار بالغبن لعموم أدلة البيع ونفوذه من غير تفرقة بين ما فيه غبن وغيره.
وأجابوا عن الحديث المذكور: بأن الرجل كان ضعيف العقل، وإن كان ضعفه لم يخرج به عن حد التمييز، فيكون تصرفه مثل تصرف الصغير المميز المأذون له بالتجارة، فيثبت له الخيار مع الغبن، ولان الرسول، صلى الله عليه وسلم، لقنه أن يقول: لا خلابة، أي عدم الخداع، فكان بيعه وشراؤه مشروطين بعدم الخداع، فيكون من باب خيار الشرط.

.تلقي الجلب:

ومن صور الغبن تلقي الجلب، وهو أن يقدم ركب التجارة بتجارة فيتلقاه رجل قبل دخولهم البلد وقبل معرفتهم السعر، فيشتري منهم بأرخص من سعر البلد،
فإذا تبين لهم ذلك كان لهم الخيار دفعا للضرر، لما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن تلقي الجلب، وقال: «لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار».
وهذا النهي للتحريم في قول أكثر العلماء.

.التناجش:

ومنه أيضا التناجش، وهو الزيادة في ثمن السلعة عن مواطأة لرفع سعرها ولا يريد شراءها ليغر غيره بالشراء بهذا السعر الزائد.
وفي البخاري ومسلم عن ابن عمر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش، وهو محرم باتفاق العلماء.
قال الحافظ بن حجر في فتح الباري: واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطأة المالك أو صنعه.
والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار، وهو وجه للشافعية قياسا على المصراة، والاصح عندهم صحة البيع مع الاثم، وهو قول الحنفية. اهـ.

.الإقالة:

من اشترى شيئا ثم ظهر له عدم حاجته إليه.
أو باع شيئا بدا له أنه محتاج إليه.
فلكل منهما أن يطلب الاقالة وفسخ العقد.
وقد رغب الإسلام فيها ودعا إليها.
روى أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أقال مسلما أقال الله عثرته» وهي فسخ لا بيع.
وتجوز قبل قبض البيع، ولا يثبت فيها خيار المجلس ولا خيار الشرط ولا شفعة فيها لأنها ليست بيعا.
وإذا انفسخ العقد رجع كل من المتعاقدين بما كان له، فيأخذ المشتري الثمن ويأخذ البائع العين المبيعة.
وإذا تلفت العين المبيعة أو مات العاقد أو زاد الثمن أو نقص فإنها لا تصح.